أهمیة اتفاقیة أضنة الأمنیة فی العلاقات الترکیة السوریة

الخلافات بین ترکیا وسوریا متجذرة فی المقاربات العرقیة منذ العهد العثمانی وسیاسات الغرب الخلافیة ونتائج الحرب العالمیة الأولى. عام ۱۹۲۱ أعلنت معاهدة ترکیا وفرنسا هاتای منطقة مستقلة. استمر هذا الوضع حتى العام ۱۹۲۳ وفی عام ۱۹۲۳ ، انضمت سنجق إلى محافظة حلب ولاحقًا عام ۱۹۲۵ انضمت إلى المنطقة المدعومة من فرنسا مباشرة. فی عام ۱۹۳۶ ، استقلت سوریا ولبنان عن فرنسا. تم تحدید الحدود الترکیة السوریة من خلال بروتوکول حلب لعام ۱۹۳۰.
5 ذو القعدة 1441
رویت 2101
علیرضا بیکدلی

الخلافات بین ترکیا وسوریا متجذرة فی المقاربات العرقیة منذ العهد العثمانی وسیاسات الغرب الخلافیة ونتائج الحرب العالمیة الأولى. عام 1921 أعلنت معاهدة ترکیا وفرنسا هاتای منطقة مستقلة. استمر هذا الوضع حتى العام 1923 وفی عام 1923 ، انضمت سنجق إلى محافظة حلب ولاحقًا عام 1925 انضمت إلى المنطقة المدعومة من فرنسا مباشرة. فی عام 1936 ، استقلت سوریا ولبنان عن فرنسا. تم تحدید الحدود الترکیة السوریة من خلال بروتوکول حلب لعام 1930. طالب أتاتورک بتسلیم هاتای إلى ترکیا. فی 27 ینایر 1937 فی جنیف أصدرت الامم المتحدة قرار وأعطت هاتای وضع الحکم الذاتی. فی 29 مایو 1937 وقعت فرنسا وترکیا بیانًا مشترکًا وتعهدا بالعمل معا من أجل استقلال المحافظة.

عشیة الحرب العالمیة الثانیة فی 2 سبتمبر 1938 منحت الأمم المتحدة هاتای صفة الدولة. وتم انتخاب عضوین فی البرلمان الترکی رئیسًا للجمهوریة ورئیسًا لمجلس وزراء هاتای. وبعد ذلک بعام فی 29 یونیو 1939 خلال الإستفتاء أصبحت هاتای محافظة لترکیة. وکذلک لم یقبل الرئیس السوری أتاسی نتیجة الإستفتاء واستقال احتجاجاَ على التدخل الفرنسی فی سوریا الذی  یخالف الإتفاقیة بین فرنسا وسوریا عام 1936. هذه التطورات دفعت سوریا نحو القومیة والکتلة الشرقیة وترسخت عملیة الإنفصال بین الدولتین المتجاورتین.

کما أضیفت بعد الحرب العالمیة الثانیة قضیة میاه دجلة والفرات إلى مشاکل العلاقات بین البلدین. عمقت سیاسة ترکیا المؤیدة للغرب بشأن فلسطین والحروب العربیة فجوة العلاقات. إنضمام ترکیا إلى الناتو، دفع سوریا التی کانت منطقة إستراتیجیة فی شرق البحر الأبیض المتوسط أکثر فأکثر نحو الإتحاد السوفیتی.

مع نمو الشیوعیة فی عقد 1960 طلبت الولایات المتحدة من ترکیا الإنفتاح السیاسی. کان نشاط حزب العمال الکردستانی أحد آثار هذه السیاسة فی الستینیات والسبعینیات. کانت الروابط العرقیة الکردیة المترسخة فی المناطق الحدودیة الترکیة السوریة أساس النزاع بین ترکیا وسوریا منذ السبعینیات. فی عام 1982 فر بعض المعارضین السوریین إلى ترکیا خلال اشتباکات بین حمص وحماة فی سوریا. هکذا زادت التحدیات بین سوریا وترکیا حول مجموعة متنوعة من القضایا فی الثمانینیات، بما فی ذلک هاتای و النظام القانونی للفرات و دجلة وأنشطة حزب العمال الکردستانی والإسلامویة ومنازعات الحرب الباردة.

مع انهیار الاتحاد السوفیتی ونهایة الحرب الباردة ووصول الإسلامیین إلى السلطة فی ترکیا أظهر جیش البلاد المزید من النشاط. فی 1995 و 1996 تصاعد التوتر بین ترکیا وسوریا. فی عام 1998 ، نشرت ترکیا قواتها فی أجزاء من الحدود السوریة وهددت بعمل عسکری. قاموا وزیرا الخارجیة الإیرانی والمصری بالوساطة ونتیجة لذلک، جرت مفاوضات بین الممثلین السوریین والأتراک فی 19 و 20 أکتوبر 1998 فی میناء أضنة بترکیا، وتم التوقیع على "اتفاق أضنة الأمنی" فی 20 أکتوبر.

تحتوی هذه الوثیقة على نص وأربعة ملاحق. والغرض الرئیسی من الإتفاقیة هو إزالة العوائق لتطبیع العلاقات بین البلدین وکان موضوع المفاوضات حول "التعاون فی مکافحة الإرهاب". ورکزت المحادثات على "مناقشة التعاون فی مکافحة الإرهاب". بناء على ذلک قبلت سوریا مطالب ترکیا بطرد أوجلان وعدم السماح له ولعوامل PKK الأخرى بالدخول إلى سوریا ، تحویل معسکرات حزب العمال الکردستانی إلى معسکرات غیر عاملة واعتقال عناصر حزب العمال الکردستانی فی سوریا.

تنص إحدى فقرات هذا المستند على: "لن تسمح سوریا بناء على مبدأ المعاملة بالمثل بأی نشاط على حدودها یعرض أمن ترکیا واستقرارها للخطر. "لن تسمح سوریا لحزب العمال الکردستانی بتوفیر الأسلحة والدعم المالی وأنشطة الدعایة فی أراضیها." بالإضافة إلى ذلک،  "صنفت سوریا حزب العمال الکردستانی على أنه منظمة إرهابیة." وفی الإتفاق "اتفق الجانبان على إنشاء بعض الآلیات (الضروریة) للتنفیذ الفعال والشفاف للتدابیر المذکورة أعلاه".

ینص الملحق 3 على ما یلی: "من الان فصاعداَ، یتفق الجانبان على أن خلافاتهما الحدودیة انتهت، ولیس لدى أی من الطرفین أی مطالب أو حقوق تتعلق بأراضی الطرف الآخر."

ینص الملحق 4 على ما یلی: "یقر الجانب السوری أن فشله فی اتخاذ الإجراءات الأمنیة اللازمة للمهام الأمنیة المنصوص علیها فی الاتفاقیة یمنح ترکیا الحق فی اتخاذ جمیع الإجراءات الأمنیة اللازمة على عمق 5 کیلومترات على الأراضی السوریة". بقبول هذه الوثیقة، أظهر حافظ الأسد أنه لا یعتبر استمرار التحدیات مع الجیران على نهج الماضی لصالح سوریا. نتیجة لهذا ووصول بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، وأردوغان فی عام 2002 ، والتغییر فی سیاسة ترکیا الخارجیة والغزو الأمریکی لأفغانستان والعراق أدى إلى تحسن العلاقات بین البلدین.

بعد انسحاب قوات الولایات المتحدة من العراق، منذ عام 2007 ، سعت إلى تقریب ترکیا وسوریا. تحسنت العلاقات بین البلدین بسرعة منذ عام 2008. مع بدایة التطورات السیاسیة والإجتماعیة فی شمال إفریقیا وغرب آسیا ، دعم ترکیا غیر المتوقع للمعارضة السوریة فی عام 2011 أنهى الصداقة بین الجانبین.

أعلنت الحکومة السوریة أن ترکیا انتهکت اتفاق (أضنة) بتسلیح الجماعات المتمردة داخل سوریا. بالتالی فی عام 2012 ادعت الحکومة الترکیة لأول مرة منذ 14 عامًا أن الحکومة السوریة دعمت حزب العمال الکردستانی بشکل مباشر. فی فبرایر 2019 خلال لقاء بوتین مع أردوغان فی موسکو ووفقًا للملحق 4 من اتفاقیة أضنة أشار بوتین  إلى أن تنفیذ الاتفاقیة هو بدیل للخطة الترکیة الأمریکیة لإنشاء منطقة آمنة فی شمال شرق سوریا. بعد ذلک أعلنت الحکومة السوریة "أنها لا تلتزم بالاتفاق. ولکن إذا توقفت ترکیا عن دعم الجیش السوری الحر وغیره من الجماعات المسلحة المتمردة وسحبت قواتها من الأراضی المحتلة فی شمال سوریا. أنها مستعدة للرجوع إلى الإتفاقیة." الرئیس الترکی خلال تطورات أدلب وصف اتفاق أضنة بأنه أحد أسباب شرعیة إرسال القوات الترکیة إلى سوریا وأثار هذا الجدل القانونی حول الوثیقة.

"إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است