صدمة طالبان بالإتحاد الأوروبی وإحیاء فکرة الحکم الذاتی الاستراتیجی

کان الحادی عشر من سبتمبر/أیلول ۲۰۰۱ بمثابة بدایة لتطورات بعیدة المدى تهدف إلى مکافحة الإرهاب والتطرف الدینی من قبل الولایات المتحدة وحلفائها. لعب الإتحاد الأوروبی، بصفته لاعبًا دولیًا مهمًا، دورًا فی هذا البلد بما یتماشى مع سیاساته وإجراءاته المعیاریة.
30 محرم 1443
رویت 739
علی‏ بمان اقبالی زارتش

 کان الحادی عشر من سبتمبر/أیلول 2001 بمثابة بدایة لتطورات بعیدة المدى تهدف إلى مکافحة الإرهاب والتطرف الدینی من قبل الولایات المتحدة وحلفائها. لعب الإتحاد الأوروبی، بصفته لاعبًا دولیًا مهمًا، دورًا فی هذا البلد بما یتماشى مع سیاساته وإجراءاته المعیاریة. من ناحیة أخرى، أصبحت أفغانستان لغزًا معقدًا للعدید من البلدان والمؤسسات المعنیة بالقضایا ذات الصلة، وخاصة القوى العالمیة الکبرى مثل الولایات المتحدة وروسیا والإتحاد الأوروبی والصین، إلى جانب الدول المجاورة مثل الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وباکستان.

یتمثل أحد الأهداف الرئیسیة للسیاسة الخارجیة والأمنیة المشترکة للإتحاد الأوروبی فی إرساء السلام والأمن الدولیین. وعلى مدار العقود الماضیة، کان الإتحاد الأوروبی نشطاً فی العدید من الأزمات والصراعات فی جمیع أنحاء العالم بهدف منع الصراعات العنیفة وبناء السلام، وافغانستان کانت واحدة من أهم هذه المناطق.

فی الأیام الأخیرة تضاعفت مطالب 27 دولة بتوسیع قدراتها الدفاعیة المشترکة للإستجابة السریعة للأزمات، وکان أحد الأسباب الرئیسیة هو الفوضى فی مطار کابول بعد استیلاء طالبان على السلطة واعتماد الأوروبیین على أمریکا لإجلاء مواطنیها. وفی هذا الصدد، قال رئیس الدبلوماسیة الأوروبیة: "لقد أظهرت أفغانستان أن أوجه قصورنا فی الحکم الذاتی الاستراتیجی لها ثمن، وأن السبیل الوحید للمضی قدمًا هو الجمع بین قدراتنا العسکریة وتعزیز إرادتنا للعمل وإذا أردنا التصرف بشکل مستقل وعدم الاعتماد على اختیارات الآخرین، حتى لو کانوا أصدقاؤنا وحلفاؤنا، فیجب علینا تطویر قدراتنا."

نظر وزراء الدفاع الأوروبیون فی سلوفینیا الخمیس 11 سبتمبر 1400 فی اقتراح قدم فی مایو لتشکیل قوة قوامها 5000 فرد کجزء من مراجعة استراتیجیة دفاع الاتحاد الأوروبی، ویأمل جوزیف بوریل فی الحصول على الضوء الأخضر من الدول الأعضاء فی اجتماع دفاعی جدید فی 16 نوفمبر 2021. بالطبع، لا تزال هناک شکوک جدیة حول قدرة الأوروبیین على إکمال مثل هذا المشروع. دعا وزیر الدفاع السلوفینی ماتیج تونین، الذی تتولى بلاده الرئاسة الدوریة للاتحاد الأوروبی، إلى نظام دفاعی جدید، بموافقة غالبیة الدول الأعضاء لتوحید المجموعات التکتیکیة المطلوبة من الدول المتطوعة البالغ عددها 27 دولة. قال کرامب باور، نظیره الألمانی: "لقد علمتنا أفغانستان أننا بحاجة إلى أن نکون أکثر استقلالیة وقدرة على العمل بشکل أکثر استقلالیة. وفی الوقت نفسه، من المهم جدًا ألا نعمل کبدیل لحلف شمال الأطلسی والأمریکیین". ویمکن لتحالف من الدول المتطوعة المساعدة فی إدارة الأزمات المستقبلیة، وهو ما لقی ترحیبًا أیضًا من قبل إدارة بایدن.

وفقًا لوزیر دفاع لاتفیا أرتیس بابریکس، "یجب على الاتحاد أن یُظهر أن لدیه الإرادة السیاسیة لاستخدام قوة أوروبیة محتملة، وبینما نعمل على خطط واسعة النطاق للدفاع المشترک عن الاتحاد الأوروبی، فإن السؤال المهم هو: هل تمکّنا من استخدام قوة الرد السریع الموجودة منذ عقد من الزمان؟ وقال متحدث باسم الدبلوماسیة الأمریکیة "ما زلنا نعتقد أن وجود أوروبا أقوى وأکثر استعدادًا هو فی مصلحتنا، وندعو الإتحاد الأوروبی وحلف شمال الأطلسی إلى العمل معا لمنع تکرار وإهدار الموارد الشحیحة".

فیما یتعلق بدور الإتحاد الأوروبی فی أفغانستان، لا بد من الاعتراف بأن عدم التنسیق بین المؤسسات والدول المختلفة وعدم وجود رؤیة واستراتیجیة واضحة لتنمیة وإحلال الأمن والسلام فی هذا البلد أدى إلى فشل مبادرات السلام والإستقرار الإقلیمی، وداخل البلد لأنه فی خطوة موازیة، أنشأت المفوضیة الأوروبیة مکتبًا فی أفغانستان نیابة عن الإتحاد، وتعمل الدول الأعضاء فی الإتحاد الأوروبی فی أفغانستان على أساس استراتیجیاتها الوطنیة. وقد دخل الإستقرار والأمن والدیمقراطیة إلى أفغانستان، لکن بحسب العدید من الأشخاص الذین انخرطوا بالفعل فی قضایا ومشاکل هذه الأرض المنکوبة وکان لهم تحلیل صحیح للبلد، لم یکن لهذه الجهود أثر کبیر فی تحسین أوضاع الأراضی الغنیة بالمخدرات. جدیر بالذکر أنه خلال عام 2002 - 2010، بلغت مساعدات الإتحاد الأوروبی وکل دولة عضو على حدة أکثر من 15 ملیار یورو، والمفوضیة وأعضاء الإتحاد الأوروبی فی معظم القطاعات والمجالات المتعلقة بإعادة الإعمار والتنمیة والأمن والشؤون الإنسانیة والتدریب العسکری والفنی وتعزیز الهیاکل المؤسسیة والحکومیة، وتحسین حالة حقوق الإنسان وتحسین وضع المجتمع المدنی ... کل ذلک ینشط فی أفغانستان.

تقوم الحکومات المانحة فی أوروبا والدول الداعمة لقوات الناتو بتحدید نوع التواجد والدعم المالی فی أفغانستان للوصول إلى صورة واضحة حول مستقبل الحرب فی أفغانستان، ومسألة ما إذا کان الصراع یتصاعد أم یؤدی إلى اضطرابات سیاسیة وتکوین الحکومة المستقبلیة لأفغانستان. قضیة أخرى مهمة هی الغموض حول وجود وقدرة الناتو فی المستقبل، وهو غموض أدى إلى تصعید التوترات بین الشرکاء الأمریکیین والأوروبیین، والیوم، یتحدث العدید من السیاسیین فی العواصم الأوروبیة وحتى الأمین العام لحلف الناتو عن دهشتهم وصدمتهم من هیمنة طالبان على أفغانستان. بالطبع، یجب البحث عن الروایة الدقیقة فی غیاب التشاور الأمریکی مع الشرکاء الأوروبیین وحلف شمال الأطلسی. فی غضون ذلک، أوضح معظم المسؤولین الأوروبیین أنهم سئموا الصراع الأفغانی.

فی الختام، ستتم مناقشة دروس وأخطاء الحرب فی أفغانستان لفترة طویلة. لکن ثلاثة أشیاء تستحق اهتماما خاصا. تاریخیاً، کان أحد المتغیرات التی عرّضت الانتصار فی مکافحة التمرد للخطر هو وجود ملاذات آمنة فی البلدان المجاورة. هذا هو النمط الذی یوجد غالبًا فی تاریخ حرکات التمرد فی القرن الماضی. ویکفی أن نقول، على سبیل المثال، عن باکستان والسماح بالمأوى کإرادة سیاسیة داعمة، والمسألة الثانیة الأکثر أهمیة هی القوة الأیدیولوجیة طالبان.

یتحدث أولئک المتمرسون فی جبال ومروج أفغانستان عن متغیر آخر یبدو أنه فی صالح طالبان على المدى الطویل. فی الواقع، فإن الورقة الرابحة لطالبان هی قدرتها على إلهام المقاومة الجهادیة أکثر بکثیر من قوات حکومة کابول، التی تمزقها عمومًا الفساد المحلی وانعدام الثقة، وهی معرضة أخلاقیاً وقبل کل شیء للثقافة التنظیمیة. ولم یکن لدیهم القدرة لتقدیم تضحیات یمکن أن تنافس رؤیة طالبان للعالم. لکن ما یسمى بطالبان قاتلوا من أجل الإیمان، من أجل الجنة وضد الکفار، لکن الجیش والشرطة قاتلوا من أجل المال. وأخیراً، یجب أن یعلم العالم، وخاصة أوروبا، أن نتیجة الاحتلال هی قبول هروب مفاجئ وقبول هزیمة تاریخیة مذلة تکلفتها مئات الملیارات من الدولارات وآلاف الضحایا، وهذا ما وفر القدرة على مناورات دبلوماسیة واسعة النطاق لإیران الإسلامیة.

 علی بمان اقبالی زارتش، خبیر اول فی الدراسات الأوروبیة

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است