أهداف ومصالح أوروبا فی الخلیج الفارسی

کشف الاتحاد الأوروبی لأول مرة فی مایو ۲۰۲۲ ، عن استراتیجیة شاملة یتم فیها وصف العلاقات المستقبلیة للإتحاد مع الدول الأعضاء فی مجلس التعاون الخلیجی الفارسی فی مجالات مختلفة، من القضایا الأمنیة إلى التجارة وقضایا المناخ.
3 رجب 1444
رویت 901
محمد مهدی مظاهری

کشف الاتحاد الأوروبی لأول مرة فی مایو 2022 ، عن استراتیجیة شاملة یتم فیها وصف العلاقات المستقبلیة للإتحاد مع الدول الأعضاء فی مجلس التعاون الخلیجی الفارسی فی مجالات مختلفة، من القضایا الأمنیة إلى التجارة وقضایا المناخ.

تسمى الإستراتیجیة الجدیدة " الشراکة الإستراتیجیة مع الخلیج (الفارسی ،” (ما أنها خطة طویلة الأمد وسیستغرق تنفیذها الکامل لعدة سنوات، فهی أشبه بخارطة طریق.

وفقاً لهذه الوثیقة، سیزید الاتحاد الأوروبی من وجوده الدبلوماسی فی المنطقة، ترجع هذه الزیادة فی الوجود إلى العلاقة مع قطر فی عام  ،2022 و سوف یتم توسیعها لتشمل الإمارات العربیة المتحدة والمملکة العربیة السعودیة والکویت فی هذا العام (2023).

بهذه الطریقة فی المرحلة الحالیة تسعى الدول الأوروبیة بناءً على قوتها وموقعها، فی شکل الاتحاد الأوروبی أو بشکل منفصل ومنفرد إلى زیادة حضورها و لعبها فی الخلیج الفارسی و لدیها العدید من الإختلافات، الأهداف والمصالح فی هذا المجال الجیوسیاسی و هی تتبع استراتیجیة جغرافیة.

  •  أهداف سیاسیة

تقلیدیاً تعتبر الدول الأوروبیة ) بحسب وجودها التاریخی فی هذه المنطقة(  نفسها دورًا إرشادیاً واستراتیجیاً فی خلق التوازن فی سیاسات الدول الإقلیمیة  و بهذا النهج، یحاولون تخفیف التوترات بین أعضاء مجلس التعاون الخلیجی وتوجیه مواقف هذا المجلس تجاه مختلف القضایا، بما فی ذلک العلاقة مع إیران وخطة العمل الشاملة المشترکة، قضیة فلسطین والعلاقة مع إسرائیل و المصالحة الوطنیة والاستقرار السیاسی فی العراق وغیره و التعامل مع قضایا المنطقة المهمة وفق رغباتهم ومصالحهم.

  •  أهداف اقتصادیة وعسکریة وأمنیة

من بین الدول الأوروبیة، تتمتع إنجلترا وفرنسا بوجود عسکری کبیر فی منطقة الخلیج الفارسی.

إن دراسة الإجراءات الأخیرة التی اتخذتها المملکة المتحدة تجاه مشیخات الخلیج العربی وجهود لندن لتعزیز وجودها العسکری فی هذه البلدان تظهر أیضاً إن المملکة المتحدة تعود بقوة إلى موقعها السابق ( الفترة قبل عام 1971  التی مدیریة و أدارة الأمن لآلیة هذه المنطقة)  إنه فی منطقة الخلیج الفارسی بعد مغادرة الاتحاد الأوروبی تبحث هذه الدولة عن أسواق جدیدة وحلفاء اقتصادیین تعتبر الدول الغنیة فی مجلس التعاون الخلیجی أیضاً وجهة جیدة لبیع الأسلحة العسکریة البریطانیة.

بناءً على ذلک، فأن هدف إنجلترا للعقد القادم (2020  إلى 2030)  هو التجارة والاستثمار بمقدار أثنان  تریلیون دولار فی هذه المنطقة فی الواقع بسبب خروج بریطانیا من الاتحاد الأوروبی وغیاب قیود حقوق الإنسان من الاتحاد الأوروبی فإن هذا النوع من العلاقات والاتصالات خاصة فی المجالات التجاریة والعسکریة والاقتصادیة بین بریطانیا ودول الخلیج العربی آخذ فی الازدیاد یوجد فی إنجلترا حالیاً ثلاث منظمات دائمة فی المنطقة و تشمل هذه المنظمات منشأة دعم بحریة دائمة فی (میناء سلمان) البحرینی و مؤسسة بحریة فی (میناء الدوقم) فی عمان و مرکز الوجود العسکری البریطانی فی قاعدة العدید الجویة فی قطر، قطر هی الدولة الوحیدة التی تشارک إنجلترا سرباً معها فرنسا هی إحدى القوى العابرة الإقلیمیة الأخرى النشطة فی الخلیج الفارسی و التی لدیها عقود دفاعیة مع بعض الدول فی المنطقة بما فی ذلک الإمارات العربیة المتحدة.

فی حین أن بعض دول الاتحاد الأوروبی مثل هولندا وألمانیا والدنمارک لدیها موقف سلبی تجاه التعاون العسکری والأمنی مع الدول العربیة فی الخلیج الفارسی وأعلنت أنه بسبب الأزمة الإنسانیة المستمرة فی الیمن لم ینشط أی من أعضاء التحالف فی هذه الحرب لن یبیعوا. تتحرک فرنسا عکس هذا الاتجاه من خلال صفقات أسلحة مع السعودیة والإمارات وقطر، فضلاً عن التعاون العسکری مع الکویت.

فی عام  2009  کان افتتاح المنشأة البحریة فی معسکر دولابایکس )معسکر السلام ( فی أبو ظبی یهدف أیضاً إلى توفیر الأساس لشراء المزید من الأسلحة العسکریة من فرنسا.

فی عام 2021  وقعت فرنسا والإمارات عقدًا بقیمة ستة عشر ملیار یورو لبیع معدات عسکریة فرنسیة بما فی ذلک بیع  ثمانون طائرة مقاتلة من طراز رافال إلى الإمارات وفقاً لذلک، فی السنوات الأخیرة أصبح الفرنسیون والبریطانیون أکثر نشاطاً فی قطاع الأمن فی المنطقة بسبب ازدهار سوق الأسلحة فی الخلیج العربی.

  • امدادات الطاقة

بینما کانت الدول الأوروبیة تمد روسیا بمعظم احتیاجاتها من الطاقة فی السنوات الأخیرة، فی العام الماضی وبعد الهجوم العسکری الروسی على أوکرانیا، فرضت هذه الدول عدة عقوبات على روسیا، و هو نوع من العقاب الذاتی وغذى أزمة طاقة على المستوى الأوروبی، فی حین تسببت هذه الأزمة فی أن یصبح تنویع أسواق إمدادات الطاقة مشکلة خطیرة بین الدول الأوروبیة إلا أنها ضاعفت أهمیة منطقة الخلیج الفارسی بالنسبة لهذه البلدان.  فی 18 یولیو2022   وقعت فرنسا والإمارات العربیة المتحدة اتفاقیة طاقة لضمان إمدادات النفط والغاز الطبیعی من هذه الدولة الخلیجیة، فی سبتمبر 2022  أثناء زیارته لدولة الإمارات العربیة المتحدة، وقعت المستشارة الألمانیة اتفاقیة لشراء الغاز الطبیعی المسال من هذا البلد و قال أولاف شولتز فی هذا الاجتماع:" علینا التأکد من إنتاج ما یکفی من الغاز الطبیعی المسال فی العالم لتلبیة الطلب الحالی، ولیست هناک حاجة للطاقة الإنتاجیة لروسیا.”  یوضح هذا البیان أن أوروبا لا تنوی استرضاء روسیا من أجل تلبیة احتیاجاتها من الطاقة وبسبب فشل خطة العمل الشاملة المشترکة وغیاب إیران عن أسواق الطاقة الدولیة، تحاول استبدال روسیا بالدول العربیة فی الخلیج الفارسی.

  • منع تطور النفوذ الروسی والصینی فی الخلیج العربی

فی السنوات الأخیرة خاصة بعد قرار الحکومة الأمریکیة تقلیص وجودها فی الخلیج العربی رأینا دور القوى الشرقیة و خاصة الصین وروسیا فی المنطقة الاستراتیجیة للخلیج الفارسی یتجلى بشکل أکبر و هذا أمر یقلق الدول الأوروبیة بسبب التغییر فی میزان القوى على الساحة العالمیة، بناءً على ذلک على الرغم من أنه بسبب السیاسة البراغماتیة والتعددیة للدول العربیة فی الخلیج الفارسی، لا تستطیع الدول الأوروبیة منع توسع علاقاتها مع الصین وروسیا وإحداث تغییر جاد فی استراتیجیتها طویلة المدى و مع ذلک مع وجود أکثر اتساعاً فی هذه المنطقة فإنهم یحاولون إبرام اتفاقیات النفط والغاز وتوفیر جزء من احتیاجات الأسلحة الصناعیة للدول العربیة فی الخلیج الفارسی قدر الإمکان لتطویر وجود وتأثیر الصین و روسیا فی هذه المنطقة وتبعیة الدول الأعضاء فی مجلس التعاون الخلیجی، بناءً على ذلک، یبدو أنه فی ظل الوضع الحالی، فإن الدول الأوروبیة و خاصة ألمانیا، انجلترا وفرنسا لدیها العدید من المصالح السیاسیة والاقتصادیة والأمنیة والعسکریة فی منطقة الخلیج الفارسی.

وبالتالی فی نفس الوقت الذی یتضاءل فیه الوجود الأمریکی، یریدون زیادة حضورهم ونفوذهم فی هذه المنطقة من أجل تلبیة احتیاجاتهم وبیع الأسلحة وتحقیق الازدهار الاقتصادی المحلی، فإن هذه الدول لدیها فرصة للتعامل مع آثار الحرب فی أوکرانیا و خلق توازن سیاسی فی المنطقة والتعامل مع المشاکل التی قد تهدد مصالحهم بعد غیاب أمریکا فی المنطقة تعد و تطور وجودها وعلاقاتها مع دول هذه المنطقة.

 محمد مهدی مظاهری أستاذ جامعی

    "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

 

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است