حرب أوکرانیا ؛ مجرى واحد و بضعُ رویة

یعتقد جون میرشایمر، الفقیه الشهیر للواقعیة العدوانیة، فی کتاب “مأساة سیاسة القوة العظمى" إن أمریکا من أجل "الحفاظ على نظام الهیمنة الخاص بها وإعادة إنتاجه" تسعى دائماً إلى الإخلال بتوازن القوى وتشکیل توازن جدید للقوى على المستوى الدولی.
6 رجب 1444
رویت 861
سید محمد حسینی

یعتقد جون میرشایمر، الفقیه الشهیر للواقعیة العدوانیة، فی کتاب  “مأساة سیاسة القوة العظمى"  إن أمریکا من أجل "الحفاظ على نظام الهیمنة الخاص بها وإعادة إنتاجه" تسعى  دائماً إلى الإخلال بتوازن القوى وتشکیل توازن جدید للقوى على المستوى الدولی. مع الاستفادة من نظریة میرشایمر والتجارب التاریخیة بعد الحرب العالمیة الثانیة، کما نلقی نظرة على سلوک أمریکا وسیاساتها تجاه الحرب فی أوکرانیا. بناءً على ذلک، یجب أن نضع توقعات لمستقبل الحرب فی أوکرانیا وفقاً لإرادة واشنطن وموسکو. المسؤولون الروس فی التخطیط الأولی الذی صمموه لمهاجمة أوکرانیا ؛ وتوقعوا وخططوا "لاحتلال کییف فی غضون ثلاثة أیام واحتلال أوکرانیا بأکملها فی غضون أسبوع". کن حربهم القصیرة کانت فجأة استنزاف .فی الواقع، لم تکن قوة المقاومة الأوکرانیة فی قوة جیش کییف الوطنی، و لکن فی الدعم اللوجستی والسیاسی للجبهة الغربیة بقیادة أمریکا. أعتبرت أمریکا الحرب فی أوکرانیا الفرصة الأکثر ذهبیة لتشکیل نظام دولی جدید.

بعبارة أخرى، بعد أنقاض الحرب فی أوکرانیا، تحلم أمریکا بتشکیل نظام دولی بعد الحرب العالمیة الثانیة.

هو النظام الذی تم فیه إضعاف واستنفاد أو هزیمة جمیع القوى المطالبة بسبب الحرب، و أصبحت القوة السلیمة لأمریکا هی مهندس النظام العالمی فی عام 1945.

النظام الذی تجلى فی هیکل مجلس الأمن والأمم المتحدة. بعد انهیار إیران والهجوم على العراق فی عام 1991 خططت الولایات المتحدة وخططت لنظام عالمی جدید لتحقیق الاستقرار فی النظام أحادی القطب، لکنها لم تنجح وتغیر هیکل النظام الدولی من ثنائی القطب إلى أحادی القطب. الآن من وجهة نظر القادة الأمریکیین، خلقت الحرب فی أوکرانیا فرصة ذهبیة جدیدة لتأسیس نظام أحادی القطب .من وجهة نظرهم، سیؤدی تجمید وتآکل الحرب فی أوکرانیا إلى إضعاف کل من روسیا وأوروبا؛ سیجعل الاتحاد الأوروبی أکثر اتحادًا وأکثر اعتمادًا على أمریکا، وبعید إحیاء الناتو ویجعل الانضمام إلیه أکثر جاذبیة؛ سیعکس اتجاه الاستثمارات الأجنبیة التی کانت تنتقل من أمریکا إلى أوروبا وآسیا فی العقود الأخیرة، و أخیراً مع "  توریق الخطاب الدولی"  ، ستزداد قوة العمل الأمریکی.

الأمریکیون لیسوا قلقین بشأن القوة المتنامیة للصین أیضاً، لأنهم یعتقدون أن الصین ستسعى إلى تغییر النظام فی إطار النظام الرأسمالی خلال السنوات العشر القادمة على الأقل.

اکتسبت الصین القوة فی النظام الرأس المال و لیس لدیها سیاسات معادیة للنظام، على الرغم من أنها تسعى إلى تغییر النظام داخل النظام بحیث تزداد حصة الصین فی الاقتصاد الدولی بشکل متزاید. لذلک یمکن القول أن سبب تآکل الحرب فی أوکرانیا هو إرادة أمریکا لتشکیل نظام عالمی جدید على أساس نموذج الحرب العالمیة الثانیة.

نشأت صیاغة النظام الدولی الجدید من الفرص التالیة فی حرب أوکرانیا:

1.أوکرانیا لیست منطقة إستراتیجیة بالنسبة للغرب، و من شأن سقوطها المحتمل أن یعرض للخطر المصالح الإستراتیجیة للکتلة الغربیة. لذلک فإن الأزمة فرصة لأمریکا والغرب.

2.استمرار الحرب فی أوکرانیا، سیؤدی ذلک إلى دخول روسیا فی التآکل العسکری والسیاسی وسیقلل من مکانة موسکو العالمیة، لا سیما فی الرأی العام.

3.عززت حرب روسیا مع أوکرانیا التکامل عبر الأطلسی وأعضاء الاتحاد الأوروبی.

4.أعطت هذه الحرب الناتو هویة جدیدة وزادت من جاذبیة الانضمام إلى الناتو.

5.توفر الحرب فی أوروبا، من خلال تأمین القارة الخضراء، إمکانیة زیادة النفوذ الأمریکی والمزید من الفوائد العسکریة والسیاسیة والاقتصادیة لواشنطن.

6.أتاحت هذه الحرب إمکانیة ممارسة الضغط على روسیا وکسب نقاط من بوتین فی مناطق أخرى.

7.خطاب العقوبات الاقتصادیة ضد النزعة العسکریة. إنها رافعة مفیدة لأمریکا، إن نظام العقوبات الاقتصادیة والسیاسیة ضد روسیا یجعل هذه الرافعة أکثر نشاطاً و عالمیة.

8.معاقبة روسیا وعزلها، کما ستکون المنافسة والمواجهة المحتملة مع الصین أسهل بالنسبة لأمریکا.

9.من خلال استقطاب الخطاب الأمنی الدولی، ستقلل حرب أوکرانیا من نفوذ روسیا فی المنطقة الاستراتیجیة بالشرق الأوسط.

10.أعادت الحرب فی أوکرانیا إنتاج عملیة استعداء روسیا وحلفاء موسکو فی الخطاب الأمنی الدولی.

11.حرب أوکرانیا من خلال خلق تهدید عسکری محتمل. لقد وفرت الأساس لإرسال الأسلحة وبیعها لشرکات الأسلحة الغربیة.

12.غیرت هذه الأزمة دبلوماسیة الطاقة لصالح أمریکا وحلفاء واشنطن الإقلیمیین.

13.قدمت علاقات إیران الاستراتیجیة مع روسیا ذریعة لاتهام إیران بالتدخل غیر المباشر فی الحرب فی أوکرانیا.

14.لقد أعطى بدء الحرب من قبل روسیا ذریعة لأمریکا لشن حرب ضد دولة أخرى.

  سید محمد حسینی، خبیر أول بمکتب الدراسات السیاسیة والدولی

    "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است