التداعیات الإقلیمیة والدولیة لاتفاق إبراهیم

فی ۱۵ سبتمبر ۲۰۲۰ ، تم توقیع معاهدة إبراهیم بین النظام الصهیونی من جهة والإمارات والبحرین من جهة أخرى؛ من خلال هذا الاتفاق ، رسخت الإمارات نفسها کقائد لحرکة التطبیع فی المنطقة ، ومنذ ذلک الحین شجعت المغرب على الانضمام ، ثم أجبرت السودان على ذلک ، والآن تحاول الانضمام إلى السعودیة أیضاً. مر الآن أکثر من عامین على اتفاق إبراهیم.
23 شعبان 1444
رویت 344
Hamid Sharifi
Public Diplomacy Desk

فی 15 سبتمبر 2020 ، تم توقیع معاهدة إبراهیم بین النظام الصهیونی من جهة والإمارات والبحرین من جهة أخرى؛ من خلال هذا الاتفاق ، رسخت الإمارات نفسها کقائد لحرکة التطبیع فی المنطقة ، ومنذ ذلک الحین شجعت المغرب على الانضمام ، ثم أجبرت السودان على ذلک ، والآن تحاول الانضمام إلى السعودیة أیضاً. مر الآن أکثر من عامین على اتفاق إبراهیم. اتفاق استطاع النظام الصهیونی من خلاله تحقیق العدید من الأهداف والإنجازات ، فیما تم ضمان بعض الفوائد الاقتصادیة للإمارات. على الرغم من اعتداءات النظام المتکررة على غزة ، فضلاً عن الهجمات المتتالیة على المسجد الأقصى وعدم تلبیة مطالب الدولة ، لا تزال الإمارات تدعی أن التطبیع فی مصلحة القضیة الفلسطینیة.

 1- اقتصادی

الاقتصاد هو أول منصة دخول لتحقیق اتفاقیات إبراهیم.  ولهذا السبب شهدت العلاقات الاقتصادیة والتجاریة بین النظام الصهیونی والإمارات أکبر تسارع بین الدول التی ترید التطبیع. بینما فی البدایة ، قدر حجم العلاقات التجاریة والاقتصادیة للنظام مع جمیع دول الخلیج العربی ، بما فی ذلک الإمارات العربیة المتحدة ، بحوالی ملیار دولار؛ الآن وحده ، بلغ حجم التجارة الثنائیة السنویة بین الإمارات والنظام الصهیونی ملیار دولار نهایة عام 2021 ، باستثناء السیاحة والاستثمار. إن السرعة الملحوظة لهذه التطورات فی المجالین الاقتصادی والتجاری دفعت بعض الدول العربیة إلى الوقوف فی طابور هذه الحرکة للتخلص من العزلة الدبلوماسیة والاستجابة لإصرار الإمارات على التطبیع.

2- سیاسی

على الرغم من أن اتفاقیة إبراهیم هی أحدث اتفاقیة تطبیع ، إلا أنها واحدة من أسرع الاتفاقیات نموًا بسبب الأهداف المختلفة التی تخطط لها وتسعى إلى تحقیقها. اتفاق السلام بین مصر وإسرائیل ، وکذلک الأردن ، کان نتیجة حروب طویلة ، لا تزال نتائجها مستمرة ، فی حین أن اتفاقیات إبراهیم هی إلى حد کبیر اتفاقیات قائمة على المصالح مع إنجازات یتم تحقیقها بشکل أسرع. قدمت معاهدة إبراهیم المزید من الفوائد للنظام الصهیونی لأنها ، من جهة ، أوجدت زخمًا جدیداً وأعادت إحیاء اتفاقیات التطبیع، ومن ناحیة أخرى ، خلقت فجوة بین المجتمعات العربیة والإسلامیة لم تخلقها أی من اتفاقیات التطبیع السابقة. الآن الخطر الأکبر لهذا الاتفاق هو بناء دولة بین الدول العربیة فی المنطقة ، والترحیب والتشجیع على تطبیع العلاقات معها ، وتهمیش القضیة الفلسطینیة بشکل کامل ، لیس فقط بمعنى المقاومة ، حتى مع السلطة الفلسطینیة. وبناء أجیال جدیدة خالیة من الاحتلال ودعمها واعتبارها طبیعیة فی الأراضی الفلسطینیة.

وقبل إعلان اتفاقیة التطبیع بین البلدین ، أعلنت دولة الإمارات العربیة المتحدة أنها توصلت إلى اتفاق مع إسرائیل على تعلیق ضم مناطق فی الضفة الغربیة المحتلة، وأعلنت الإمارات والبحرین فی تصریحات مختلفة أن قرار تطبیع العلاقات مع النظام الصهیونی سیعمل على زیادة "فرصة حل الدولتین". لکن ما حدث فی الواقع کان مختلفًا عن هذه المزاعم.  واصلت إسرائیل بناء المستوطنات ، وتعزیز الهدف الفلسطینی المتمثل فی إقامة دولة مستقلة.

 3- حمایة

بالنظر إلى النزاعات السیاسیة والأمنیة العدیدة التی شهدتها الإمارات فی الفترة الأخیرة وتزاید المخاوف والمتطلبات الأمنیة ، تحاول هذه الدولة تطبیع علاقاتها للاستفادة من التفوق التقنی والأمنی للنظام الصهیونی. الحصول على أسلحة بملیارات الدولارات والبحث عن بدائل أمنیة لتعویض الانسحاب المحتمل لأمریکا من المنطقة من أهداف الإمارات فی عملیة التطبیع. کشفت وسائل الإعلام العبریة ، مشددة على وثیقة رسمیة من الحکومة العبریة؛ عن:  أن اتفاق تل أبیب وأبو ظبی على التطبیع یمهد الطریق لزیادة مستویات التعاون العسکری بین الجانبین فی البحر الأحمر ، وتحاول شرکات السلاح الإسرائیلیة زیادة صادراتها الدفاعیة إلى دول الخلیج.

4- أفکار عامة

بعد اتفاقیات مختلفة وتبادل ثقافی وسیاحی بعد اتفاق إبراهیم ، نجح النظام الصهیونی نسبیًا فی تحقیق فضاء آمن فی المجتمعات العربیة ، خاصة فی دول الخلیج الفارسی ، التی کان من الصعب قبول تطبیعها. على الرغم من ترحیب العدید من المسؤولین فی حکومة الإمارات بعملیة تطبیع العلاقات مع الکیان الصهیونی ، مع استمرار الاعتداءات والانتهاکات التی یمارسها النظام الصهیونی ضد الفلسطینیین والمسجد الأقصى ، إلا أن بعض هذه الأصوات تغیرت مؤیدة لهذه العملیة وانتقدت مواقف النظام. تظهر بعض استطلاعات الرأی أیضًا وجهة نظر غیر مواتیة لاتفاق إبراهیم.

بعد مرور أکثر من عامین على اتفاقیة التطبیع بین الإمارات ونظام الاحتلال فی القدس وتوقیع العدید من الاتفاقیات الاقتصادیة والأمنیة ، یمکن القول إن اتفاقیة السلام المعروفة باتفاقیة إبراهیم تعتبر أخطر اتفاقیة تطبیع فی التاریخ. لأن هدفها هو الاندماج المباشر للنظام الصهیونی فی المجتمع العربی والإسلامی وتجاهل القضیة الفلسطینیة مقابل بعض الفوائد. على الرغم من قفزة بنسبة 511 فی المائة فی التجارة بین النظام والإمارات العربیة المتحدة فی عام 2021 ، فقد شهد التطبیع انخفاضًا فی القبول العام بسبب هجمات النظام الصهیونی المتکررة على الفلسطینیین. ومن المتوقع أن تستمر أطراف اتفاق إبراهیم فی تطویر العلاقات وزیادة التعاون وإزالة العوائق بالإضافة إلى التنسیق الأمنی والاستخباراتی فی عدة حالات ، لکن تبقى القضایا العالقة ، من بینها التعاون تحت مظلة التحالف الإقلیمی وبعضها ستبقى صفقات السلاح. لکن فی النهایة ، ستحاول الإمارات مواصلة مسیرة التطبیع وإبراز النجاح الناتج عنها ، وهی عملیة کانت جوانبها المختلفة ، بسبب تهمیش القضیة الفلسطینیة ، أکثر تفضیلاً لتوسیع نفوذ النظام فی المنطقة من تأمین مصالح الإمارات.

 زینب چلداوی، خبیرة فی مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

   "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است