حلف إبراهیم ولغز التهدیدات الإیرانیة

وفی نهایة أغسطس من هذا العام، أعلنت المملکة العربیة السعودیة أنها عینت أول سفیر لها لدى السلطة الفلسطینیة. وبناء على هذا القرار، قدم نایف بن بندر السدیری، سفیرا فوق العادة مفوضا وغیر مقیم (معتمد) للمملکة العربیة السعودیة فی رام الله والقنصل العام السعودی فی القدس المحتلة، أوراق اعتماده إلى مجدی الخالدی، وزیر الخارجیة. المستشار الدبلوماسی لمحمود عباس رئیس السلطة الفلسطینیة.
29 ربيع الأول 1445
رویت 488
محمد مهدی مظاهری

 وفی نهایة أغسطس من هذا العام، أعلنت المملکة العربیة السعودیة أنها عینت أول سفیر لها لدى السلطة الفلسطینیة.  وبناء على هذا القرار، قدم نایف بن بندر السدیری، سفیرا فوق العادة مفوضا وغیر مقیم (معتمد) للمملکة العربیة السعودیة فی رام الله والقنصل العام السعودی فی القدس المحتلة، أوراق اعتماده إلى مجدی الخالدی، وزیر الخارجیة. المستشار الدبلوماسی لمحمود عباس رئیس السلطة الفلسطینیة.

وفی الواقع، تبحث السعودیة عن شروط للتوصل إلى اتفاق یحل القضیة الفلسطینیة ومن ثم یوفر إمکانیة تطبیع العلاقات بین السعودیة وإسرائیل.  وفی الواقع، فإن محمد بن سلمان، الذی کان منذ فترة مکروها ویتعرض للضغوط بسبب مقتل جمال خاشقجی والمشاکل الداخلیة التی أحدثتها أزمة الخلافة، نجح الآن فی تبنی مقاربات دولیة جدیدة وشعبیة، لوضع نفسه وحزبه فی مکانة أفضل. البلد کعنصر فاعل رئیسی. ولیکن من الفعال أن تنتهی کل رغبات السلام على ما یبدو معهم!

وفی هذا الصدد تحاول السعودیة وتتشاور فی خضم الجهود الدبلوماسیة للتوصل إلى اتفاق مع النظام الصهیونی یؤدی أیضا إلى البراغماتیة والتحرک نحو الاتفاقیات السلمیة.  وبالطبع فإن حل القضیة الفلسطینیة والوساطة من أجل تسمیة وثیقة نهایة الصراعات التاریخیة بین فلسطین وإسرائیل باسم السعودیة لیست کل جهود وحزن السعودیین، السعودیة الجدیدة هی محاولة أن تصبح القوة المتفوقة فی منطقة غرب آسیا وتحقیق هذا الهدف یتطلب امتلاک کل أدوات القوة التی یمتلکها المنافسون والتی لا یملکونها.

ومن هذا المنطلق تسعى هذه الدولة إلى اقتناء تقنیات قادرة على تغییر مشهد اللعبة الاستراتیجیة فی المنطقة والعالم؛  من الطاقة النوویة إلى الذکاء الاصطناعی.  ونتیجة لذلک، أطلقت السعودیة منذ نهایة عام 2020 استراتیجیتها الوطنیة فی مجال البیانات والذکاء الاصطناعی بهدف جذب 20 ملیار دولار من الاستثمارات الأجنبیة والمحلیة بحلول عام 2030 وهی فی منافسة وثیقة مع نظام إسرائیل. وقد بدأت جمهوریة إیران الإسلامیة ومصر والإمارات العربیة المتحدة وترکیا وقطر، وهی دول إقلیمیة بارزة فی هذا المجال.  وکانت نتیجة هذه الخطط أن تکون السعودیة فی عام 2023 على رأس الجدول العالمی لـ "استراتیجیة الحکومة للذکاء الاصطناعی"، مما یدل على عمق التزامات الدولة وجدیتها فی تنفیذ الاستراتیجیة الوطنیة.

وفی حین أن طموحات السعودیة فی مجال الذکاء الاصطناعی لم تواجه عقبات جدیة من القوى الکبرى، فإن طلبات البلاد للحصول على الطاقة النوویة تواجه معارضین جدیین وعنیدین.  وأمیرکا وإسرائیل على رأس هؤلاء الخصوم.  لأنهم یعتقدون أن السماح للسعودیة بتخصیب الیورانیوم یشکل خطرا على إسرائیل ویؤدی إلى سباق تسلح فی الشرق الأوسط.  إن وجود الخلافات فی هذه المجالات، إلى جانب طلب السعودیة عقد اتفاقیة دفاعیة مع واشنطن، دفع المسؤولین الأمیرکیین إلى التصریح بأن تطبیع العلاقات بین السعودیة وإسرائیل لا یزال بعید المنال.  ومع ذلک، لا تزال إسرائیل تأمل، أو على الأقل تحاول إبقاء مفاوضات التطبیع مفتوحة؛  ونتیجة لذلک، أعلن أنه لن یتم توقیع الاتفاقیة مع السعودیة فی الربع الأول من عام 2024 فی البیت الأبیض فحسب، بل إن هذه التسویة لن تشمل السعودیة فحسب، بل ستنضم إلیها ست أو سبع دول أخرى أیضًا.

والآن، سواء قبلنا الموقف المتشائم لأمریکا أو صدقنا النهج المتفائل للنظام الإسرائیلی، فهذه حقیقة لا یمکن إنکارها؛  لقد دخلت المملکة العربیة السعودیة فی لعبة تنافسیة جدیة مع القوى الإقلیمیة، وقطعت قفزة طویلة لتصبح القوة الأولى فی المنطقة والزعیمة بلا منازع للعالم الإسلامی.  على عکس الدول الأخرى فی المنطقة التی ترکز فقط على تصمیم الرؤیة ولیست عازمة وجادة فی تحقیقها، فقد کان أداء المملکة العربیة السعودیة جیدًا جدًا فی تنفیذ "رؤیتها 2030" بهدف جعل هذا البلد الدولة الأکثر نجاحًا فی المنطقة. فی تقلیل الاعتماد على النفط، وهو مصمم لتنویع الاقتصاد وتطویر قطاعات الخدمات مثل الصحة والبنیة التحتیة والتعلیم والترفیه والسیاحة.  فی مثل هذا الوضع، فإن التهدید الوحید لجمهوریة إیران الإسلامیة لیس تطویر میثاق إبراهیم وتطبیع العلاقات بین المملکة العربیة السعودیة والدول العربیة والإسلامیة الأخرى مع النظام الإسرائیلی؛  کما هددت المملکة العربیة السعودیة الجدیدة هیبة إیران وموقعها الاستراتیجی.

 محمد مهدی مظاهری، أستاذ جامعی

"إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة" 

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است