غرب آسیا بین حالتین استراتیجیین فی 2024

فی عام ۲۰۲۳، شهدت منطقة الخلیج العربی والشرق الأوسط اتجاهین مهمین ولکن متضاربین. بدأت العملیة الأولى بالاتفاق بین إیران والسعودیة فی ۶ أبریل. ویمکن لهذه العملیة، ولا تزال، أن تقود المنطقة نحو السلام والاستقرار ومزید من التنمیة.
18 جمادى الثانية 1445
رویت 417
نبی سنبلی

فی عام 2023، شهدت منطقة الخلیج العربی والشرق الأوسط اتجاهین مهمین ولکن متضاربین. بدأت العملیة الأولى بالاتفاق بین إیران والسعودیة فی 6 أبریل. ویمکن لهذه العملیة، ولا تزال، أن تقود المنطقة نحو السلام والاستقرار ومزید من التنمیة. أما العملیة الثانیة فقد بدأت مع أحداث 7 أکتوبر، وخاصة بعد الهجمات الوحشیة التی شنها النظام الإسرائیلی على غزة، والتی یمکن أن تقود المنطقة إلى مزید من الحرب وعدم الاستقرار. والآن أصبحت المنطقة وسط هذین الاتجاهین المتعارضین، وکل من القوى المتصارعة تدفع هذه المنطقة فی الاتجاه المنشود. والسؤال الأساسی هو کیفیة تعزیز العملیة الأولى – عملیة السلام والاستقرار والتنمیة – ومنع انتشار الحرب وعدم الاستقرار (استمرار العملیة الثانیة)؟

منطقة الخلیج الفارسی والشرق الأوسط لتعزیز السلام والاستقرار والتنمیة من خلال الحوار الأمنی، والتفاهم الإقلیمی، والتطلع إلى الأمام، وخریطة الطریق المشترکة، والدعم الدولی (ولیس التدخل)، والنظام القائم على القواعد على أساس قواعد الأمم المتحدة (ولیس قواعد الولایات المتحدة) والنظام الشامل مطلوب على المستویین الوطنی والإقلیمی ومن جمیع الأبعاد السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة الثلاثة.

ومن أجل منع انتشار الاتجاه الثانی، لا بد من الانتباه إلى الجذور التاریخیة للحرب، بما فی ذلک انتهاک حقوق الشعب الفلسطینی على المدى الطویل، وأسباب فشل التوجهات السابقة، وخاصة التخلی عن الفلسطینیین وإهمالهم وإذلالهم، وما إلى ذلک. ما تم إنشاؤه الآن هو دولة الفصل العنصری. فی الحرب الأخیرة، من المهم ألا یشمل الدفاع المشروع المحتل، ولا یوجد شیء اسمه حق إعادة الاحتلال والتطهیر العرقی. ومن خلال انتهاکها لحقوق الإنسان، تستهدف إسرائیل القیم العالمیة والنظام العالمی لحقوق الإنسان، الذی یمکن أن یؤدی إضعافه إلى تطبیع انتهاکات حقوق الإنسان فی مناطق مختلفة من العالم.

إن النهج المبنی على القوة لم ینجح فی أی مکان بسبب الصراع مع هویة الأمم ووجودها. وسبب دعم إیران لحکومة شاملة تتکون من أصحاب فلسطین الرئیسیین هو، أولا، أن هذا التوجه الإیرانی یرتکز على الخلفیة الاجتماعیة للمنطقة ولا یقتصر على فلسطین. نحن نعیش فی مجتمع الفسیفساء فی غرب آسیا. لقد دعمت إیران الحکومة الشاملة فی جمیع الصراعات الداخلیة فی أفغانستان والیمن ولبنان والعراق وسوریا والبحرین وفلسطین، وهذه السیاسة متجذرة فی التجربة التاریخیة للعیش فی مجتمع الفسیفساء فی غرب آسیا. إضافة إلى ذلک، ومن الناحیة النظریة، فإن قیام حکومتین متعادیتین فی أی منطقة یخلق مفارقة أمنیة لا تحقق الأمن لأی من الطرفین. بالإضافة إلى ذلک، إذا کان من المفترض أن یؤدی أی صراع داخلی إلى تقسیم البلدان وإنشاء حکومتین أو أکثر، فسوف نواجه أعمال عنف لا نهایة لها، لیس فقط فی غرب آسیا، بل فی العدید من مناطق العالم  وینبغی إضافة عدد کبیر من الحکومات الأخرى إلى عضویة الأمم المتحدة، وهو أمر غیر مرغوب فیه ولیس ممکن.

إن استمرار السیاسات التوسعیة للنظام الصهیونی ستکون له عواقب وخیمة على منطقة غرب آسیا وأوروبا وأمریکا. ومن الناحیة الإقلیمیة فإن استمرار الحرب یؤدی إلى انتشار حالة عدم الاستقرار وانتشار التطرف وهروب رؤوس الأموال وزیادة المشاکل الاقتصادیة والاجتماعیة. وستکون نتیجته توسع الهجرة وانعدام الأمن إلى أوروبا ونمو الجماعات الیمینیة فی أوروبا. إن استمرار هذه العملیة سوف یغرق أمریکا مرة أخرى فی مشاکل الشرق الأوسط وشمال أفریقیا.

ومن الضروری إیقاف هذه العملیة من خلال التعلم من تجارب الماضی. منذ اتفاقیة کامب دیفید، رکزت أمریکا، بدعم من أوروبا، على تطبیع علاقات إسرائیل مع جیرانها بدلا من محاولة حل القضیة الفلسطینیة. وأدى تطبیع العلاقات مع إسرائیل إلى إهمال الفلسطینیین وحقوقهم الأساسیة. وأسفرت هذه العملیة عن رد فعل أقوى من جانب الشعب الفلسطینی. إن تجربة عقود عدیدة من النضال والمفاوضات تظهر أنه لا یمکن تجاهل الشعب الفلسطینی وأن الحل المستدام هو نتیجة الإجماع الفلسطینی. ونظراً للدور المرکزی الذی تلعبه هذه القضیة فی تشکیل التطورات الأمنیة فی غرب آسیا، فمن دون حلها، لا یمکن لهذه المنطقة أن تتحرک نحو الاستقرار ومزید من التنمیة.

إدارة الصراع لیست أکثر من الحد من الضرر والسیطرة علیه. وهذا لیس بالأمر الذی یساعد على تعزیز عملیة السلام والاستقرار والتنمیة الضروریة لحل المشاکل الاقتصادیة والبیئیة والاجتماعیة المتراکمة. ومن الطبیعی أن تراکم المشاکل السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والبیئیة فی المنطقة لن یؤدی إلا إلى انفجارات أکبر و أعظم فی المستقبل ومع تحرک النظام العالمی نحو التعددیة القطبیة، ستکون الأرضیة أکثر استعداداً لتدخل أقطاب القوة المختلفة فی غرب آسیا وتحویل هذه المنطقة إلى ساحة ألعاب جیوسیاسیة عالمیة؛ والمزید من التدخل لن یؤدی إلا إلى خسائر لدول المنطقة.

نبی سنبلی، خبیر أول فی مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

  "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است