شهر عسل ترامب وبوتين يقترب من النهاية؛ روسيا وشروط السلام الصعبة

مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، كان الكثيرون يأملون أن يصبح وقف إطلاق النار في أوكرانيا أول إنجاز للولايات المتحدة. لكن جهود شاغل البيت الأبيض لم تكن متوافقة مع نهج الهياكل في موسكو وواشنطن. على الرغم من الاتصالات الهاتفية المتعددة بين القادة الروس والأمريكيين ولقاءات المبعوثين الخاصين، إلى جانب تبادل الكثير من الكلمات الإيجابية، لم يتم تحقيق أي نتيجة. ولعل بوتين لم يتمكن من استغلال هذه الفرصة، وفكر بشكل أكبر في التقدم على جغرافيا المعركة، التي تم تمهيد الطريق لها بفضل القيود المفروضة على شحنات الأسلحة الأمريكية. وذلك لأن ترامب كان في حاجة ماسة إلى ضوء أخضر من الكرملين لتنفيذ خطة محسوبة وتكتيكية لتجاوز قضيتين أساسيتين في غرب آسيا، هما تفعيل خطة إسقاط الأسد وإضعاف إيران.
14 محرم 1447
علی‏ بمان اقبالی زارتش

مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، كان الكثيرون يأملون أن يصبح وقف إطلاق النار في أوكرانيا أول إنجاز للولايات المتحدة. لكن جهود شاغل البيت الأبيض لم تكن متوافقة مع نهج الهياكل في موسكو وواشنطن. على الرغم من الاتصالات الهاتفية المتعددة بين القادة الروس والأمريكيين ولقاءات المبعوثين الخاصين، إلى جانب تبادل الكثير من الكلمات الإيجابية، لم يتم تحقيق أي نتيجة. ولعل بوتين لم يتمكن من استغلال هذه الفرصة، وفكر بشكل أكبر في التقدم على جغرافيا المعركة، التي تم تمهيد الطريق لها بفضل القيود المفروضة على شحنات الأسلحة الأمريكية. وذلك لأن ترامب كان في حاجة ماسة إلى ضوء أخضر من الكرملين لتنفيذ خطة محسوبة وتكتيكية لتجاوز قضيتين أساسيتين في غرب آسيا، هما تفعيل خطة إسقاط الأسد وإضعاف إيران.

منذ تنصيبه في يناير، كان دونالد ترامب يتقرب من فلاديمير بوتين ويضغط لإنهاء الصراع في أوكرانيا، لكنه لم ينجح في تحقيق تقدم ملموس خلال الأشهر الستة الماضية. وفي الوقت الذي أعلنت فيه إدارته الأسبوع الماضي أنها قررت وقف إمدادات الأسلحة إلى كييف، مشيرة إلى مخاوف بشأن استنفاد المخزونات الأمريكية من الأسلحة، حاول البيت الأبيض لاحقًا التقليل من شأن هذا الإجراء واقترح استئناف إمدادات الأسلحة إلى كييف. وفي الوقت نفسه، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 8 يوليو 2025، مرة أخرى عن عدم رضاه عن الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إنه يدرس فرض عقوبات إضافية على موسكو، وأكد إحباطه من تزايد عدد ضحايا الحرب بين روسيا وأوكرانيا. كما قال خلال اجتماع مع أعضاء حكومته في البيت الأبيض: "إذا أردتم الحقيقة، فإن بوتين يقول لنا الكثير من الهراء. إنه دائمًا ما يكون جيدًا جدًا؛ لكن هذا لا يعني شيئًا." وأكد ترامب أنه سيدرس بعناية فائقة مشروع قانون مجلس الشيوخ الهادف إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا.

على الجانب الآخر من الصراع، يقول وزير الخارجية الروسي إن موسكو لا تزال منفتحة على حل دبلوماسي للنزاع الأوكراني، لكن المفاوضات يجب أن تركز على سلام دائم، وليس على وقف إطلاق نار. ويضيف لافروف أن روسيا تصر على أن تتضمن معاهدة السلام مع أوكرانيا شروطًا مثل نزع السلاح و"نزع النازية" من البلاد. ويجب أن تتضمن المعاهدة أيضًا التخلي عن جميع الإجراءات القانونية ضد روسيا، ورفع العقوبات، وإعادة الأصول المصادرة إلى موسكو؛ وهي قضايا لها دور أساسي في القضاء على جذور الصراع. بالطبع، هناك طلب مهم آخر للكرملين وهو إزالة التهديدات لأمن روسيا فيما يتعلق بتوسع الناتو وتورط أوكرانيا في هذا الحلف العسكري. كما يجب ضمان احترام حقوق الإنسان والثقافة والتقاليد والأرثوذكسية التقليدية ووسائل الإعلام الناطقة باللغة الروسية في الأراضي التي لا تزال تحت سيطرة نظام كييف. والأهم من ذلك، يجب الاعتراف بالحقائق الإقليمية الجديدة التي ظهرت مع ضم القرم، وسيفاستوبول، وجمهورية دونيتسك الشعبية، وجمهورية لوهانسك الشعبية، وزاباروجيا، وخيرسون إلى روسيا؛ وهي مجموعة من المطالب التي تباينها عن مطالب أوكرانيا وداعميها الغربيين كبير جدًا.

لطالما اتهمت روسيا القادة الغربيين بمحاولة صرف الانتباه عن فشلهم في حل المشكلات الحقيقية، وتعتقد أن الغربيين، بالإشارة إلى التهديد الروسي الأسطوري، يحاولون صرف الانتباه عن عجزهم عن حل المشكلات الحقيقية مثل التضخم، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الدخل الحقيقي للمواطنين، والهجرة غير الشرعية، والجرائم المتزايدة المرتبطة بها. ومن غير الخفي أن أوروبا الموحدة تعمل على تأجيج المشاعر المعادية لروسيا، وإحياء المجمع العسكري-الصناعي، والدعوة إلى الحرب ضد روسيا. كما تحول الاتحاد الأوروبي بسرعة من اتحاد اقتصادي وسياسي إلى كتلة عسكرية وسياسية شبه ناتو. وفي هذا السياق، قرر الحلفاء في يونيو، خلال قمة الناتو في لاهاي، زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، وبهذا تكون أمريكا قد حققت أحد أهم مطالبها، وهو زيادة الميزانية الدفاعية الأوروبية إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في عهد ترامب، من خلال إبراز التهديد الروسي بالتزامن مع تقدم قوات الجيش الأحمر في أوكرانيا.

بشكل عام، يجب الاعتراف بأن واشنطن حققت نجاحًا نسبيًا في تحقيق أهدافها المتعددة في تنظيم علاقاتها مع القارة الأوروبية في الشؤون الدفاعية والأمنية، وزيادة الميزانية الدفاعية الأوروبية، والاستفادة من صمت روسيا في قضايا غرب آسيا، والأهم من ذلك، إبرام اتفاقية للاستفادة من الموارد القيمة لأوكرانيا. ولعل تكتيك ترامب في إظهار شهر العسل مع السيد بوتين كان يهدف إلى تحقيق مثل هذه الأهداف المعقدة والمهمة. على أي حال، فإن أزمة أوكرانيا هي أحد أهم التحديات الأساسية والاستنزافية لروسيا والقارة الأوروبية، وقد أصبحت قضية حيوية ووجودية للطرفين، وبدايتها بدت سهلة، لكن لا أمل في الخروج منها على المدى القصير. ومن ناحية أخرى، فإن التطورات الأخيرة في طبيعة التفاعلات بين واشنطن وموسكو تشير إلى الاقتراب من خط النهاية وانتهاء فترة شهر العسل القصيرة بين ترامب وبوتين. الكلمة الأخيرة هي أن الصراع في أوكرانيا هو معركة تاريخية بين الليبرالية الجامحة وروسيا الاستبدادية، وقد أدت الدعاية الكاذبة من الغربيين والكيان الصهيوني بشأن مساعدة إيران لروسيا بالطائرات المسيرة إلى ركود خطير في العلاقات بين القارة الأوروبية وإيران. وفي الوقت نفسه، فإن الحقيقة، وفقًا للتجارب التاريخية، هي أن أي مشاركة لعناصر ثالثة في صراع القوى العظمى لم تحقق أي مكاسب، وقد تتكبد تكاليف في المستقبل.

علي بمان إقبالي زارتش، رئيس مجموعة دراسات أوراسيا.

   "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

 

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است